في رحاب مدرسة رمضان العلاجية:الصـوم تطهيـر وإعـداد هناك من يتساءل عن حكمة الصوم في الإسلام، فهل لهذه الفريضة الدينية فلسفة تنطوي على حكمة في تشريعها ومطالبة الناس بها؟ لا يخفى على الجميع أن الصوم ركن من أركان الإسلام بنص القرآن الكريم الذي يقول في سورة البقرة ''يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصـيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلـكم تتقون أياما معدودات ..'' الآيـة (182).
ومن هذه الآيتين نفهم أن الصوم لم يكن مبتدعا في الإسلام، بلهو شريعة إلهية عرفتها الأديان الإلهية كلها مع اختلاف في الطرق و النظم والأشكال التي يصوم بها أهل هذه الأديان ومعنى هذا أن الله تبارك وتعالى يعلمنا أن الصوم كالواجب الديني المشترك بين أبناء البشرية كلها منذ أقدم العصور الإنسانية.
أما فلسفة الصيام في الإسلام فتنطوي على أمور:
1 - أن الصوم فيه طاعة الله سبحانه وتعالى واستجابة لأمره، وهذه الطاعة تذكر الإنسان على الدوام بأن الله هو المسيطر عليه الموجه له.
2 - إن الصيام يشبه الثورة النفسية على العادات والتقاليد التي تستبعد الإنسان وتستبد به. فالإنسان قبل الصوم يأكل كما يشاء ويهوى، ويشرب الماء كما يحب ويريد، فإذا جاء الصوم منع الإنسان من الشهوات والأهواء لمدة ثلاثين يوما، كل يوم من مطلع الفجر إلى مغرب الشمس، وهذا المنع يجعل الإنسان يعيش حرا من سيطرة العادة عليه، سواء أكانت هذه العادة ضارة أم غير ضارة، وينبغي أن نتذكر هنا أن ظروف الحياة مختلفة، وأن دوام الحال من المحال كما قال أسلافنا الصالحون، فمن غنى أو فقير، ومن شبع إلى جوع، ومن استغناء إلى احتياج ومن إقامة إلى سفر، فإذا لم يتعود الإنسان احتمال الإنسان احتمال هذه الظروف المختلفة لم يستطيع مواجهة الحياة بأحوالها المتعددة.
3 - إن الإسلام يقرر أن المعدة بيت الداء، وأن الإسراف في الطعام يؤدى إلى أسوأ العواقب، وأن خير الناس من اعتدل في طعامه وشرابه، ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم ''نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع''. وكثيرا ما يؤدي الإكثار من الطعام كما يفعل كثير من الناس إلى تراكم فضلات في الجسم ترهقه وتؤذيه، فيأتي الصوم ليخلص الإنسان من هذه الفضلات فتعتدل صحته ويستقيم أمر جسمه، والأطباء ينصحون بالصوم في كثير من حالات المرض للعلاج وللوصول إلى العافية والشفاء.
4 - هو تعلم الصبر وتقوية الإدارة، فالصائم قد يرى ألوان الطعام عن يمين وشمال، ويستطيع أن يمد يده ليأكل مما يحب ويهوى كما يشاء ويختار، ولكنه يمنع نفسه باختياره وإرادته عن أكل هذا الطعـام، طاعة لربه ومراقبة لجلاله وهذا يعوّد الإنسان على قوة الإرادة ومضـاء العزيمة
الله يتقبل منا الصيام و صالح الأعمال .
