في ليلة قد ترجل فيها فارس الخيال عن صهوة جواده إجلالاً وتعظيماً للحب, بين نخلٍ وعينٍ وكرزٍ, فالنخل صبر, والعين ماء, والأحمر المفتون غازل شرياني ... حينها، تناثرت لآلئ غيومي على صفحات بستاني, كتمر هوى من عذوقه في أحضان الأرض, فالتقطتها العصافير بأجنحتها وداعبتها البلابل بمناقيرها , فاسترحت قليلاً إلى أن سرى دمي في عروقي , وأتكأ شرياني على عكازة جذعه لمحدودب, إلى أن وصل إلى جنة الغرام, فافترش ثغر ناجي مصلىً, واتخذ نخيل جاسم مسجداً, فنادى المنادي بالصلاة, وما أعذب أذانه, وهو يذكر جده ويصلي عليه .... وما أن أتم نداءه, إلا وهلت علينا سحب وحمائم, فغشانا لونها, وأطربنا هديلها, على معبدٍ قد أرهقته ملائكة الرحمن عبادةً وتسبيحا... فقام فينا شاب وسيم, يقاسمنا فستق الشام وتمر هجر آهٍ يا أبتي, قد أثقلتني بروح الوفاء, وأشعلنني فانوساً مضيئاً لسيرتك المتناثرة في كل مكان, فهنيئاً لنا هذا الغذاء, وهنيئاً لنا هذا الصفاء, وشكراً لمقلتي التي احتضنت عيونكم, وشكراً لسنين عمري التي عرفتكم, " فاذكروها تذكركم " ..