إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله:-
و بعد فإن صلة الرحم أمر عظيم حض الله عليه في كتابه وحض عليه رسوله صلى الله عليه وسلم في كثير من أقواله وأفعاله لذا ينبغي التذكير به دائماً وإليك بعض الأمور حول صلة الرحم:-
أولاً: تعريفها:-
قال ابن الأثير في النهاية: " تكرر في الحديث ذكر صلة الأرحام وهي كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار والتعطف عليهم والرفق بهم والرعاية لأحوالهم وكذلك إن تعدّوْا وأساءوا وضد ذلك قطيعة الرحم .
فقد أمر الله تعالى بصلة الرحم فقال{واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله عليكم رقيباً } وقال{ وآت ذا القربى حقه } وقال{ واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى.. الآية}.
ثانياً: ثمرات ونتائج صلة الرحم:-
1- صلة الرحم شعار الإيمان بالله واليوم الآخر ، لما روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت "
2- صلة الرحم تزيد في العمر وتوسع في الرزق ، لما روى الشيخان عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه" .
3- صلة الرحم تدفع عن الواصل ميتة السوء ، لما روى أبو يعلى عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم سمعه يقول: " إن الصدقة وصلة الرحم يزيد الله بهما في العمر ويدفع بهما ميتة السوء ويدفع بهما المكروه والمحذور".
4- صلة الرحم تعمر الديار وتثمر الأموال ، لما روى الطبراني والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله ليعمر بالقوم الديار ويثمر لهم الأموال وما نظر إليهم منذ خلقهم بغضاً لهم قيل: وكيف ذاك يا رسول الله ، قال: بصلتهم الرحم" .
5- صلة الرحم تغفر الذنب وتكفر الخطايا ، لما روى ابن حبان والحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال إني أذنبت ذنباً عظيماً فهل لي من توبة فقال هل لك من أمٍ قال: لا قال فهل لك من خالة قال: نعم قال فبرها ".
6- صلة الرحم تيسر سبيل الحساب وتدخل صاحبها الجنة، لما روى البزار والطبراني والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثٌ من كن فيه حاسبه الله حساباً يسيراً وأدخله الجنة برحمته قالوا وما هي يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، فقال: " تعطي من حرمك وتصل من قطعك وتعفوا عن من ظلمك ، فإذا فعلت ذلك يدخلك الله الجنة"
7- صلة الرحم ترفع الواصلة إلى الدرجات العلى يوم القيامة ، لما روى البزار والطبراني عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا أدلكم على ما يرفع الله به الدرجات قالوا: نعم يا رسول الله قال تحلم على من جهل عليك وتعفوا عن من ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك "
ثالثاً: خطورة قطيعة الرحم وما يترتب عليها من عقاب:-
قال تعالى { والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار}
وقال أيضاً { فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} ، وروى الشيخان عن جبير بن مطعم رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يدخل الجنة قاطع رحم "( ) ، وأخرج أبو داوود من حديث أبي بكرة يرفعه " ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع مدَّخر الله له في الآخرة من قطيعة الرحم" ، وأخرج البخاري في الأدب المفرد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه " إن أعمال أمتي تعرض عشية الخميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع الرحم".
وأخرج فيه من حديث ابن أوفى " إن الرحمة لا تنزل على القوم فيهم قاطع رحم " ، وأخرج الطبراني من حديث ابن مسعود " إن أبواب السماء مغلقة دون قاطع الرحم" .
قال القرطبي: " الرحم التي توصل عامة خاصة ، فالعامة رحم الدين وتجب صلتها بالتوادد والتناصح والعدل والإنصاف والقيام بالحقوق الواجبة والمستحبة والرحم الخاصة تزيد بالنفقة على القريب وتفقد حاله والتغافل عن زلته .
وقال ابن أبي جمرة: " المعنى الجامع إيصال ما أمكن من الخير ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة ،وهذا في حق المؤمنين وأما الكفار والفساق فتجب المقاطعة لهم إذا لم تنفع الموعظة.
رابعاً: بم تكون قطيعة الرحم؟
قال الزين العراقي: " تكون بالإساءة إلى الرحم ، وقال غيره: " تكون بترك الإحسان لأن الأحاديث آمرة بالصلة ناهية عن القطيعة فلا واسطة بينهما .
والصلة نوع من الإحسان كما فسرها بذلك غير واحد والقطيعة ضدها: وهي ترك الإحسان.( )
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت: بلى قال فذاك لكِ ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرءوا إن شئتم {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم .... الآية }رواه مسلم.
وروى أبو داوود والطيالسي مرفوعاً: " إن للرحم لساناً يوم القيامة تحت العرش يقول: يا رب قطعت يا رب ظلمت يا رب أسيء إليّ فيجيبها ربها: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك " .
وفقنا الله لصلة الرحم ووقانا من قطيعتها
وباللـــــه التوفيق،،،،